تطرية لحوم الإبل
تعتبر الإبل حيوان الأمن الغذائي والرصيد الاستراتيجي للبدوي والمربي والمستثمر حينما يشتد القحط والجدب والجفاف ويندر الكلأ والماء، حيث تبقى الإبل كالطود الشامخ والسند المادي والمعنوي الحقيقي للحياة في الصحراء لقدرتها الفائقة على التأقلموالتحمل للضغوط البيئية القاسية، اقتصاديات استخدامها للماء والغذاء ولخواصها التناسلية الجيدة وقدرتها على مقاومة الأمراض واتساع مرعاها ومحافظتها على بيئتها الصحراوية وعدم تنافسها في تغذيتها ومرعاها مع الحيوانات الأخرى ( الأغنام والماعز ) . والإبل تمثل أحد العناصر الهامة في المنظومة الصحراوية وأن تنميتها تعد ضرورة اجتماعية يضاف إلى ذلك أهميتها الاقتصادية المربحة عن طريق تعظيم الاستفادة من إمكانيتها الإنتاجية العالية وتقليل الفاقد والمهدر من طاقتها الفريدة في الإنتاج . إن للإبل قدرة فائقة في تحمل ظروف الصحراء دون حيوانات المزرعة الأخرى لما لها من قدرة على التكيف الحراري عن طريق الوسائل الميكانيكية العديدة التي حباها بها المولى عز وجل مثل قدرتها على خفض حرارة جسمها في الصباح إلى 35 ْم ، وتمكنها من رفع هذه الدرجة إلى 41 ْم في المساء دون أي أعراض مرضية. وانخفاض معدلات النبض إلى ( 35 نبضة في الدقيقة ) .أما التكيفات التشريحية نذكر منها قدرة عيون الإبل على الرؤية في الضوء الشديد وأنها محمية ضد الرمال . وكذلك الفتحات الأنفية ، وخزن الطاقة على صورة دهن في السنام ، كما أن الشعر (الوبر) يقوم بعزل الجسم أثناء درجات الحرارة العالية ، وقدرته على إعادة استخدام اليوريا عن طريق الكلى والغدد اللعابية . أن للإبل القدرة على اختيار واستساغة مجموعة كبيرة من نباتات المراعي التي لا تقبل عليها المجترات الأخرى، وهي تتجنب رعي النباتات السامة ولها القدرة على الاستفادة من النباتات المنخفضة في قيمتها الغذائية، للإبل القدرة على معرفة ما ينفعها وما يضرها، وهي تعتمد على ما حباها به المولى عز وجل من حاسة شم قوية للاستدلال والرجوع إلى مصادر الكلأ والمياه والموطن. وتستطيع الإبل أن تشرب مرة واحدة كل أسبوع في الصيف وكل عشرة أيام في الربيع والخريف وكل ستة أسابيع في الشتاء ، ولا تشرب مطلقاً في المرعى الأخضر دون حدوث أي أضرار للحياة أو الإنتاج. ويستطيع الجمل تحمل نقص الماء لمدة سبعة عشر يوماً في الصيف الحار ويرجع ذلك إلى قدرته على الاحتفاظ بماء أكثر في جسمه .
كما أن ضآلة الفاقد من الماء خلال الغدد العرقية وانعدام الفاقد تقريباً من الماء والطاقة عن طريق التنفس من العوامل التي تساعد الإبل في تحمل نقص الماء ، كما أنه يمثل أعلى درجات التكيف مع ظروف البيئة الصحراوية المحيطة.
لقد أصبحت تنمية الإبل ضرورة اقتصادية مربحة وليس فقط اجتماعية وذلك عن طريق تعظيم الاستفادة من إمكاناتها الإنتاجية الهائلة وتقليل الفاقد والمهدر من طاقتها الفريدة في إنتاج اللبن واللحوم والوبر والجلود بالإضافة إلى تحسين المرعى بما تخلفه من مواد إخراجية .
يمتد العمر الإنتاجي للناقة إلى خمسة وعشرين (25) سنة تنتج خلاله على الأقل (12 مولوداً) يصحبها (12 موسم حليب). يصل طول الموسم الواحد من (10-18 شهراً) ، متوسط إنتاج الحليب في الموسم الواحد (4500 كجم) حليب.
لحوم الإبل :
وزن الذبيحة حوالي (400 كجم) حسب العمر والجنس والنوع ومستوى التغذية ، وتتميز لحوم الإبل بأن نسبة التصافي (52-77%) ، نسبة الدهن (صفر-4.8%) ونسبة العظم (15.9- 38.1%) ، اللحم الأحمر (66%) . وتتميز لحوم الإبل بلونها الوردي ، وأليافها الخشنة والعريضة المرتبطة ببضعها البعض بنسيج ضام كثيف ، ولا يوجد دهن مختلط بالعضلات. دهنه أملس كريمي اللون مائل إلى الصفرة ، يتجمع دهنه في السنام والقصي . تعتبر لحوم الإبل من أفضل اللحوم نظراً لقلة الدهن فيها. وتتميز الإبل بكفاءة عالية في إنتاج اللحم وقد يصل وزن الجمل إلى 300 كجم في عمر سنة إذا كانت التغذية جيدة. ويعتبر سوق الإبل ببريدة من أكبر أسواق الإبل في المملكة .
حليب الإبل :
جاء في جامع الترمذي عنه صلى الله عليه وسلم (إذا أكل أحدكم طعاماً فليقل اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيراً منه. وإذا سقي لبنا فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه، فإنه ليس شيء يجزىء من الطعام والشراب إلا اللبن ) .
مكونات الحليب :
المكونات الأساسية :
-( ماء 87% ، بروتين 4.21% ، دهن 4.33%)
-سكر لاكتوز تختلف نسبته حسب نوعية الغذاء ودرجة حرارة الجو والعمر.
المكونات الثانوية :
-المعادن : صوديوم ، كلور ، كالسيوم ، فوسفور ، بوتاسيوم ، مغنسيوم.
-عناصر نادرة : حديد ، نحاس ، منجنيز ، زئبق ، كبريت ، الومنيوم ، مليبديوم ، يود …. ألخ.
-فيتامينات : مثل (ج ، أ ، ب1 ، ب2 ، ب6 ، ب12 ، هـ).
-الإنزيمات الهضمية المختلفة.
وبالنسبة لحليب الإبل فإن أهميته تتضاعف بالنسبة لسكان المناطق الجدبة في توفير احتياجاته اليومية من الطاقة والبروتين ، ليس هذا فحسب ولكن لبن الإبل غذاء وشفاء لكثير من الأمراض بإذن الله مثل ( مرض السكر – سرعة التئام الجروح والعمليات الجراحية – علاج نزلات البرد والنزلات الشعبية) – تحسن وظائف الكبد وتقوية جهاز المناعة ، ولحليب الإبل خصائص تؤدي إلى تخفيض الوزن ، كما أنه سهل الهضم ، ويعطى للمرضى والشيوخ والأطفال والنساء الحوامل نظراً لقيمته الغذائية العالية وبخاصة الأحماض الدهنية وغير المشبعة وكما أنه مفيد في تكوين العظام.
وقد توصلت الدراسات الحديثة والتي اجريت منذ سنوات قليلة إلى ما أشار إليه المصطفى صلى الله عليه وسلم من أهمية لبن الإبل لعلاج بعض الأمراض منذ أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان. ، إن لبن الإبل يعالج الاستسقاء واليرقان ومتاعب الطحال . وهذا يثبت للغافلين أن المصطفى صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى وأنه عليه الصلاة والسلام كان موصولاً بالوحي ومعلماً من قبل الحق تبارك وتعالى . حليب الإبل سائل أبيض يميل إلى اللون الأصفر أحياناً حسب نوعية الغذاء ، طعمه لذيذ ، ورائحته طيبة ومذاقه بين الحلاوة والملوحة متجانس في كل أجزائه ، مفيد للإنسان من جميع أنواع الحليب الأخرى يحتوي على مواد كيميائية حافظة بشكل طبيعي وبذلك لا يتلف سريعاً كغيره من أنواع الحليب الأخرى ، وهو غذاء كامل يحبه الصغار والكبار على السواء .
يمثل الجلد حوالي 7% من وزن الحيوان الحي وتتميز جلود الإبل بمواصفات فيزيائية وكيميائية تجعلها أكثر نعومة ومطاطية وبالتالي أكثر قابلية للتصنيع من جلود الحيوانات الأخرى كما أنها سهلة الدبغ والتجهيز وتستخدم في صناعات عديدة . ينمو نوعان من الوبر في جلود الإبل تبعاً لأصنافها فهنالك الوبر القصير وهو عبارة عن ألياف دقيقة تستعمل في صنع العباءات وهنالك ألياف قاسية خشنة تستعمل في صناعة السجاد والبطانيات والخيم وينتج الحيوان الواحد من الإبل العربية من 1- 2 كجم سنوياً مع 5 كجم للرأس من الإبل ذات السنامين قال تعالي( ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثاً ومتاعاً إلى حين) )النحل: 80 .
لا يخفى على أحد ما تمثله الإبل بالنسبة إلى سكان المملكة في ماضيهم وحاضرهم ، وهي بلا شك بحاجة إلى العناية والرعاية والاهتمام والتطوير بم يتلاءم مع أهميتها في المملكة وما تمثله من موروث تاريخي ووطني وسياحي.
الإبل من أعظم مخلوقات الله ، سبحانه وتعالى جعلها شاهداً على قدرته داعياً الإنسان إلى التفكر فيها ضمن تفكره في مخلوقاته الأخرى العظيمة (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت) ) سورة الغاشية 17). وهذا دليل على حكمته وتدبيره البالغ الكمال والتنزه في هذا الخلق المحاط بأسرار لا يعلمها إلا هو سبحانه وسنظل نكشف كل يوم سراً من أسرار الله في مخلوقاته ولن يبلغ العلم البشري حدود تلك الأسرار ذلك أن فوق كل ذي علم عليم وبعد أن انقضى ما بين 40-50 قرناً على استئناس الحيوانات المختلفة تبين أن الإبل تتميز بصفات إنتاجية تنفرد بها بين باقي حيوانات المزرعة